قطار الرياض- إلهام للإبداع وتحول في ثقافة المدينة
المؤلف: عبداللطيف الضويحي11.02.2025

عبر مر العصور، استحوذ القطار على خيال الأدباء والروائيين، وألهم إبداع الشعراء والفنانين والسينمائيين، تاركاً بصمة واضحة في العديد من الأعمال الأدبية والفنية العالمية في أوروبا والهند وأمريكا. لقد قال الشاعر الألماني هاينريش: «القطار يمحو المكان، ولا يترك سوى الزمان».
إن قطار الشرق السريع، الذي انطلق في رحلته الأولى عام 1883، كان وما زال شاهداً على الحروب والانتصارات والهزائم، سواء في الواقع أو في الأعمال الأدبية والفنية، وشاهداً على الصراعات الأوروبية الطبقية والدينية، وعلى مظاهر الثراء الفاحش ومآسي الفقر المدقع. لقد ساهم هذا القطار في تقريب المسافات بين العواصم الأوروبية وغيرها، وفي إزالة الأحقاد والكراهية التاريخية بين الشعوب الأوروبية المتناحرة. استمر قطار الشرق السريع في التوسع متجاوزاً حدود الجغرافيا الأوروبية، حتى توارى عن الأنظار مع ظهور القطارات فائقة السرعة في مطلع هذا القرن. ومع ذلك، بقي هذا القطار مصدراً للإلهام للفنانين والأدباء والمبدعين. حتى أن الناقد السينمائي الشهير فيل دي سيملين قال: «السينما لا تكتمل بدون القطارات».
لقد اضطلع القطار بدور محوري في السينما المصرية، حيث كان حاضراً بقوة في تصوير مشاهد الحب والغرام، وكذلك الحزن والأسى والفراق والرحيل والغربة. لقد كان القطار عنصراً درامياً وتراجيدياً بارزاً، سواء من حيث الصوت أو الصورة، أو من حيث الحبكة أو الخلفية، في العديد من الأفلام المصرية الشهيرة، مثل «سيدة القطار» و«قطار الليل» و«القطار» و«باب الحديد» وغيرها الكثير.
يقول الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش: «مر القطار سريعاً، كنت أنتظر على الرصيف قطاراً، مر وانصرف المسافرون إلى أيامهم... وأنا ما زلت أنتظر.. هنا ولدت ولم أولد ويمشي حولي الشجرُ.. هنا وُجدت ولم أوجد، سأعثر في القطار على نفسي التي امتلأت بضفتين لنهر مات بينهما، كما يموت الفتى ليت الفتى حجر». ويقول الشاعر العراقي المعروف الرصافي: «قطار كصف الدّوح تسحبه سحباً.. فطوراً كعصف الريح تجري شديدةً وطوراً رخاءً كالنسيم إذا هبّا». وفي السودان والمغرب العربي، نجد العديد من الأدباء والشعراء الذين تأثرت أعمالهم بثقافة القطار.
إن قطار الرياض لا يمثل استثناءً من هذه القاعدة. فرغم أن قطار الرياض قد بدأ بنقل الركاب في يوم أمس الأول، إلا أن الفرحة الغامرة تملأ قلوب سكان الرياض وزوارها الذين خاضوا هذه التجربة الفريدة في هذا المشروع الحضاري العملاق، وفي مدينة بحجم وأهمية موقع مدينة الرياض الشاسعة والكثيفة بالسكان. يُعد قطار الرياض أحدث المشاريع العملاقة في مجال النقل في المملكة العربية السعودية، فهناك أيضاً قطار المشاعر المقدسة الذي يربط بين مدن المشاعر المقدسة، وقطار المنطقة الشرقية الذي يربط مدينة الرياض بالمنطقة الشرقية، بالإضافة إلى قطار الشمال الذي يمتد حتى منطقة الجوف شمالاً.
إن توقيت افتتاح قطار الرياض يضاهي أهمية المشروع نفسه، وذلك لما يُعقد عليه من آمال في المساهمة مع بقية وسائل النقل العام في تخفيف الازدحام المروري والاختناقات. كما أنه يمثل وسيلة نقل اقتصادية بامتياز، تناسب جميع فئات المجتمع، بالإضافة إلى كونه وسيلة حضارية ذات آداب وبروتوكولات معمول بها في معظم المدن الكبرى حول العالم. هذا الأمر يسهم في وضع الرياض على خريطة المدن التي تتوفر فيها جميع أنواع النقل العام، وهو ما يمثل أحد أهم عوامل الجذب للسياح والزوار، وأقصر الطرق لاستكشاف المدينة وسكانها.
إضافة إلى كل ما ذكر من أهمية تنموية لقطار الرياض، هل سيشكل هذا المشروع انطلاقة لمرحلة جديدة من الإبداع الفني والأدبي، على غرار مثيلاته في العالم؟ وهل سنشهد في المستقبل القريب موجة من الإبداع الشعري والأدبي والفني المحلي المستوحى من ثقافة القطار؟ وهل نحن على أعتاب تغيير إيجابي في السلوك العام، مثل تشجيع الركاب على القراءة، وبالتالي ارتفاع مؤشر القراءة بين السعوديين الذين سيرتادون القطار بشكل منتظم؟
إلى أي مدى يمكن لهذا التغيير الإيجابي المرتقب في السلوك العام أن يحفز المدارس المتنافسة والمؤسسات التعليمية لإعادة إحياء «درس التعبير» الذي ظل مهملاً بين الطلاب والمعلمين وإدارات التعليم؟ وهل يمكن لقطار الرياض ومحطاته أن يستعيد سلوك القراءة وفنون الكتابة ومهارات التعبير لدى الأفراد؟
إن قطار الشرق السريع، الذي انطلق في رحلته الأولى عام 1883، كان وما زال شاهداً على الحروب والانتصارات والهزائم، سواء في الواقع أو في الأعمال الأدبية والفنية، وشاهداً على الصراعات الأوروبية الطبقية والدينية، وعلى مظاهر الثراء الفاحش ومآسي الفقر المدقع. لقد ساهم هذا القطار في تقريب المسافات بين العواصم الأوروبية وغيرها، وفي إزالة الأحقاد والكراهية التاريخية بين الشعوب الأوروبية المتناحرة. استمر قطار الشرق السريع في التوسع متجاوزاً حدود الجغرافيا الأوروبية، حتى توارى عن الأنظار مع ظهور القطارات فائقة السرعة في مطلع هذا القرن. ومع ذلك، بقي هذا القطار مصدراً للإلهام للفنانين والأدباء والمبدعين. حتى أن الناقد السينمائي الشهير فيل دي سيملين قال: «السينما لا تكتمل بدون القطارات».
لقد اضطلع القطار بدور محوري في السينما المصرية، حيث كان حاضراً بقوة في تصوير مشاهد الحب والغرام، وكذلك الحزن والأسى والفراق والرحيل والغربة. لقد كان القطار عنصراً درامياً وتراجيدياً بارزاً، سواء من حيث الصوت أو الصورة، أو من حيث الحبكة أو الخلفية، في العديد من الأفلام المصرية الشهيرة، مثل «سيدة القطار» و«قطار الليل» و«القطار» و«باب الحديد» وغيرها الكثير.
يقول الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش: «مر القطار سريعاً، كنت أنتظر على الرصيف قطاراً، مر وانصرف المسافرون إلى أيامهم... وأنا ما زلت أنتظر.. هنا ولدت ولم أولد ويمشي حولي الشجرُ.. هنا وُجدت ولم أوجد، سأعثر في القطار على نفسي التي امتلأت بضفتين لنهر مات بينهما، كما يموت الفتى ليت الفتى حجر». ويقول الشاعر العراقي المعروف الرصافي: «قطار كصف الدّوح تسحبه سحباً.. فطوراً كعصف الريح تجري شديدةً وطوراً رخاءً كالنسيم إذا هبّا». وفي السودان والمغرب العربي، نجد العديد من الأدباء والشعراء الذين تأثرت أعمالهم بثقافة القطار.
إن قطار الرياض لا يمثل استثناءً من هذه القاعدة. فرغم أن قطار الرياض قد بدأ بنقل الركاب في يوم أمس الأول، إلا أن الفرحة الغامرة تملأ قلوب سكان الرياض وزوارها الذين خاضوا هذه التجربة الفريدة في هذا المشروع الحضاري العملاق، وفي مدينة بحجم وأهمية موقع مدينة الرياض الشاسعة والكثيفة بالسكان. يُعد قطار الرياض أحدث المشاريع العملاقة في مجال النقل في المملكة العربية السعودية، فهناك أيضاً قطار المشاعر المقدسة الذي يربط بين مدن المشاعر المقدسة، وقطار المنطقة الشرقية الذي يربط مدينة الرياض بالمنطقة الشرقية، بالإضافة إلى قطار الشمال الذي يمتد حتى منطقة الجوف شمالاً.
إن توقيت افتتاح قطار الرياض يضاهي أهمية المشروع نفسه، وذلك لما يُعقد عليه من آمال في المساهمة مع بقية وسائل النقل العام في تخفيف الازدحام المروري والاختناقات. كما أنه يمثل وسيلة نقل اقتصادية بامتياز، تناسب جميع فئات المجتمع، بالإضافة إلى كونه وسيلة حضارية ذات آداب وبروتوكولات معمول بها في معظم المدن الكبرى حول العالم. هذا الأمر يسهم في وضع الرياض على خريطة المدن التي تتوفر فيها جميع أنواع النقل العام، وهو ما يمثل أحد أهم عوامل الجذب للسياح والزوار، وأقصر الطرق لاستكشاف المدينة وسكانها.
إضافة إلى كل ما ذكر من أهمية تنموية لقطار الرياض، هل سيشكل هذا المشروع انطلاقة لمرحلة جديدة من الإبداع الفني والأدبي، على غرار مثيلاته في العالم؟ وهل سنشهد في المستقبل القريب موجة من الإبداع الشعري والأدبي والفني المحلي المستوحى من ثقافة القطار؟ وهل نحن على أعتاب تغيير إيجابي في السلوك العام، مثل تشجيع الركاب على القراءة، وبالتالي ارتفاع مؤشر القراءة بين السعوديين الذين سيرتادون القطار بشكل منتظم؟
إلى أي مدى يمكن لهذا التغيير الإيجابي المرتقب في السلوك العام أن يحفز المدارس المتنافسة والمؤسسات التعليمية لإعادة إحياء «درس التعبير» الذي ظل مهملاً بين الطلاب والمعلمين وإدارات التعليم؟ وهل يمكن لقطار الرياض ومحطاته أن يستعيد سلوك القراءة وفنون الكتابة ومهارات التعبير لدى الأفراد؟
